ياسر أيوب يكتب : ديكور رياضى اسمه مجلس إدارة

أيام طويلة مضت خاض فيها الأهلى أكثر من مشوار بحثا عن مدير فنى جديد يقود الفريق الكبير ويعود به لسابق انتصاراته.. دعكم من الإعلاميين الاستثنائيين العباقرة الذين يستهويهم القيام طول الوقت بدور الذى يعرف ويفهم كل شىء.. ومن آلاف المحاولات الخائبة للتوقع والاستنتاج واستراق السمع والبصر واستجداء المعرفة..

ففى الواقع لا أحد يعرف شيئاً.. ولست أراها مشكلة ألا نعرف من هو مدرب الأهلى الجديد.. لكنها قطعا مشكلة أن يكون هناك أعضاء فى مجلس إدارة الأهلى مثلنا تماما.. لا يعرفون أى شىء.. لا يملكون حق المعرفة والسؤال والمناقشة والحوار والرفض أو القبول.. ولن يعرفوا اسم المدرب الجديد للنادى الذى يديرونه إلا من صحف الصباح أو برامج الرياضة فى المساء.. مثلهم مثل باقى أو كل الناس.. وبعضهم سيردون على ذلك بالطبع ساخطين أو ساخرين مؤكدين أن اختيار المدرب هو أمر فنى يخص لجنة الكرة وحدها..

وهؤلاء لن يصبروا ليفهموا أننى لا أقصد البحث عن مدرب وتحديد هويته، وإنما أقصد إتمام التعاقد مع هذا المدرب الجديد والموافقة الرسمية عليه قبل إعلان ذلك للناس.. فهذا ليس من الأمور الفنية.. إنما هو أبسط قواعد الإدارة واقتسام المسؤولية وشراكة القرار والحساب والمصير.. وهو أيضا أقل احترام يستحقه هؤلاء الذين يجلسون على مقاعد مجلس إدارة الأهلى ولكل واحد منهم قدره ومكانته وتجربته ونجاحاته.. ومؤخرا.. قبل الأهلى استقالة حسام البدرى وتم تعيين زيزو مديرا فنيا للأهلى قبل اجتماع مجلس الإدارة بخمسة عشر يوماً كاملة.. أى أن الأهلى قام بتغيير مدرب وجهاز بأكمله دون علم وموافقة مجلس إدارته..

وأنا أعرف أن ذلك كله ليس جديدا على الأهلى.. ولا أى ناد آخر فى مصر.. فنفس الأمر فى الزمالك الذى يعرف فيه حسام وإبراهيم حسن ما لم وأبدا لن يعرفه معظم أعضاء مجلس الإدارة.. فهؤلاء سيردون عليك بابتسامة شديدة التهذيب والوداعة إن سألتهم عن عقد شيكابالا أو مصير المحمدى أو حصيلة التبرعات أو تفاصيل احتفال المئوية.. هم مثلنا تماما يقرأون ويسمعون ويفرحون أو يحزنون بما يجرى للزمالك وكأنهم ليسوا شركاء فى الإدارة والقرار.. ولن تكفى المساحة هنا للتدليل بوقائع مماثلة فى الاتحاد والمصرى والصيد والجزيرة وسبورتنج وسموحة وبقية أندية مصر..

وإذا كان ذلك لائقا فى الماضى حين كان الناس فى مصر غير مسموح لهم بالسؤال والمراجعة والفهم والشراكة.. فإنه لم يعد يليق الآن فى عصر تغير فيه كل شىء ولم يعد يسمح بأى كهنوت أو قرارات فوقية تأتى كأنها إلهام من السماء.. أو أن تتحول الحياة كلها إلى كومة من الأسرار والمفاجآت.. وبالتالى يحق لى الآن التساؤل عن كل تلك الكيانات الوهمية التى هى مجالس الإدارة فى أنديتنا.. ما جدوى أو دور أو قيمة أو ضرورة كل هذه الوجوه فى حقيقة الأمر؟!

صحيح أنها تنفع عند البحث عن ضيف لبرنامج تليفزيونى رياضى أو لحوار صحفى لن يحوى أى حقائق مهمة أو أخبار جديدة.. وأتوقع بالتأكيد غضبا ورفضا واستنكارا من كثيرين لا يحبون أن يصارحهم أحد بالحقيقة.. ولكننى قطعا على استعداد لمناقشة أى أحد لأقنعه بأنه لا يعرف شيئا أو يقنعنى هو بأنه شريك حقيقى ويعرف كل شىء.. ولكننى أود أيضا أن يساعدنى أى أحد حتى أفهم ما هو هذا الكيان الغامض الذى هو المكتب التنفيذى فى كل ناد.. دعكم من القوانين واللوائح والتفاسير القديمة التى تقول إن بضعة أعضاء من مجلس الإدارة يجتمعون لبحث أمور النادى ويتخذون قرارات يعرضونها على مجلس الإدارة الذى يجتمع ويوافق عليها.. لماذا إذن لا يجتمع مجلس الإدارة مباشرة ويبحث أعضاؤه جميعهم شؤون ناديهم بشكل مباشر دون حاجة لكل هذا اللف والدوران؟!

وإذا كان أربعة أعضاء فقط باستطاعتهم بحث كل الأمور واتخاذ كل القرارات، فلماذا الإصرار على مجلس إدارة ضخم يضم آخرين لا وزن لهم أو دور أو أى معنى لوجودهم.. فهذا المجلس هو بقايا عهد اشتراكى غامض تماما مثل أوليمبياد الشركات وحافز التفوق الرياضى والبرلمان والمجالس القومية المتخصصة والريادة الرياضية وربما الإعلامية أيضاً.

من ابسط قواعد النجاح يا دوك هو التخصص